الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢١٦
آبائنا الأولين إنهم اتخذوه في وقت من الأوقات (106) هكذا ردوا كل شئ إلى إناء الآباء، على الرغم من مشاهدتهم للدلالة القاطعة التي تدعوهم إلى الحياة الكريمة الشريفة، وعندما قالوا: (ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين) كان جواب موسى مبنيا على التحدي (وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار) قال المفسرون: كأنه يقول: إن ربي - وهو رب العالمين له الخلق والأمر - هو أعلم منكم بمن جاء بالهدى ومن تكون له عاقبة الدار. وهو الذي أرسلني رسولا بديني التوحيد ووعدني أن من أخذ بديني فله عاقبة الدار (إنه لا يفلح الظالمون) وفي هذا تعريض لفرعون وقومه، وفيه نفي أن تكون لهم عاقبة الدار، فإنهم بنوا سنة الحياة على الظلم وفيه انحراف عن العدالة الاجتماعية التي تهدي إليها فطرة الإنسان الموافقة للنظام الكوني (107).
والخلاصة: عرض موسى عليه السلام معجزاته، ولكن مجموعة العمل رفضت الهدى، ووفقا لهذا رفض القوم ما رآه فرعون غير صالح لهم، واتبعوا أمر الطاغية، وما أمر فرعون برشيد، (وأضل فرعون قومه وما هدى) (108) لقد تكاتفوا حول عقيدة الشمس التي دونها آباء الضلال، في الوقت الذي كان فيه نور أبيض يسطع في يد موسى يدعوهم إلى الهدى، لكنهم تعاموا عنه. لأن مصلحة فرعون ليست في هذا النور.
3 - القرار الفرعوني:
بعد أن شاهد فرعون المعجزات. واتهم موسى عليه السلام بالسحر وبأنه يعمل من أجل إخراج أهل مصر من مصر! إغراء لمن حوله وحثا لهم على أن يتفقوا معه على دفع موسى بأي وسيلة ممكنة. ولما اتفقوا معه وتبنوا أطروحته.
قال: إذا كان الشأن هذا فماذا تشيرون علي أن أعامله به حتى أعمل به؟ (قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم) (109) قال المفسرون: أي أخر موسى وأخاه وأمهلهما، ولا تعجل إليهما بسياسة أو سجن

(106) الميزان: 37 / 16.
(107) الميزان: 36 / 16.
(108) سورة طه، الآية: 79.
(109) سورة الشعراء، الآيتان: 36 - 37.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست