(سحروا أعين الناس واسترهبوهم) (129) واسترهبوهم أي أخافوهم. وبما أن خوف الناس ليس كخوف موسى. لأن موسى واثق من نصر الله. وهو ما خاف إلا على الناس، لأنه كان يطمع أن يؤمنوا، فإذا تفرقوا قبل أن يلقي بعصاه خسروا.
فكذلك هناك فرق بين موسى والناس في عملية سحروا أعين الناس، هناك فرق بين (يخيل إليه) وهذا خاص بموسى. وبين (سحروا أعين الناس) وهذا خاص بالناس يوم الزينة خارج منهم موسى. والناس عندما اجتمعوا يوم الزينة كان عندهم الاستعداد التام للإيمان بالسحرة. قالوا: (لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) (30 () وهذا الاستعداد له دخل كبير في عملية تلقي الحدث. أما موسى عليه السلام فكان له موقف آخر عندما ألقوا حبالهم وعصيهم (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) (131) قال المفسرون: والحقيقة التي بينها لهم أن الذي جاؤوا به سحر، والسحر شأنه إظهار ما ليس بحق واقع في صورة الحق الواقع لحواس الناس وأنظارهم، وإذا كان باطلا في نفسه! فإن الله سيبطله، لأن السنة الإلهية جارية على إقرار الحق وإحقاقه في التكوين، وإزهاق الباطل وإبطاله، فالدولة للحق وإن كان للباطل جولة أحيانا (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) وقد جرت السنة الإلهية أن يصلح ما هو صالح ويفسد ما هو فاسد وهذه الحقيقة تستلزم أن السحر وكل باطل غيره لا يدوم في الوجود، إن موسى عند إلقاء السحرة حبالهم، كان على يقين من أن الباطل إلى زوال لكنه كان يريد للناس أن يكونوا تحت مظلة الحق لا تحت مظلة الباطل، وخيفة موسى لم تكن كخوف الناس، وتخيل موسى، لم يكن كسحر عيون الناس، ولعل في هذا كفاية لمن قالوا إن الذي جرى على الناس جرى على موسى عليه السلام.
* 6 - المجازر والخوف والاستكبار:
عندما ألقى السحرة بحبالهم وعصيهم، وسحروا أعين الناس. صار