فاستكبروا في الأرض...) (77).
إنها مجموعة عمل واحدة جمعت بين السلطة والفتوى والمال، وتوجهت لتطحن الفطرة، وتصد عن سبيل الله رب العالمين، وعندما دخل موسى إلى فرعون وأخبره بأنه رسول رب العالمين وطالبه بأن يرسل معه بني إسرائيل، قال له فرعون: (ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين) (78) قال المفسرون: مراده الاعتراض عليه أولا من جهة دعواه الرسالة والمعنى: أنت الذي ربيناك وأنت وليد، ولبثت فينا من عمرك سنين عديدة، نعرفك باسمك ونعتك، ولم ننس شيئا من أحوالك، فمن أين لك هذه الرسالة وأنت من نعرفك ولا نجهل أصلك؟ ثم تطرق إلى قتله عليه السلام للقبطي، فقال: ولقد فعلت فعلتك وأفسدت في الأرض بقتل النفس، فكفرت بنعمتي وأنت من عبيدي العبرانيين، فمن أين جاءتك الرسالة؟ وكيف تكون رسولا وأنت هذا الذي نعرفك ونعرف فعلتك (79) فأجاب موسى عليه السلام:
(قال فعلتها إذا وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين * وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) (80).
قال المفسرون: الآيات الثلاث: جواب موسى عليه السلام عما اعترض به فرعون، وبالنظر إلى جوابه عليه السلام وما اعترض به فرعون. نتبين أنه عليه السلام حلل كلام فرعون إلى القدح في دعواه الرسالة من ثلاثة أوجه:
أحدهما: استغراب رسالته واستبعادها، وهو الذي يعلم حاله وقد أشار إليه بقوله: (ألم نربك فينا وليدا...).
والثاني: استقباح فعلته ورميه بالإفساد والجرم بقوله: (وفعلت فعلتك التي فعلت).