الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢١٣
فرعون بالقضبان، (وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين * حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين) (92) قال المفسرون: أي أنا حري بأن أقول الحق ولا أنسب إلى الله في رسالتي منه إليك شيئا من الباطل، ثم أخبره أن معه بينة من ربه وحجة قاطعة على صدق ما جاءهم به وأمره أن يطلق بني إسرائيل من أسره وقهره وأن يدعهم ليعبدوا الله ربه وربهم، فقال له فرعون: لست بمصدقك فيما قلت، ولا بمعطيك فيما طلبت، فإن كانت معك حجة فأظهرها لنراها إن كنت صادقا فيما ادعيت (93).
(فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين) (94).
لقد جاء إليهم بجنس ما عندهم وبجنس ما يحبون. فالقوم كانوا عباقرة في السحر. وروي أن فرعون وهامان هما من أمهر السحرة سحرا، وتغلبا على الناس بالسحر (95)، وكشفت البرديات أن مجلس التاسوع ومن بعده مجلس الثلاثين كان يزاول السحر على أوسع نطاق وكانوا يقتحمون عقول القوم بالأساطير المدعمة بالأمور السحرية لتصبح فيما بعد عقائد يدافع الناس عنها (96) فالعصا معجزة تخضع لها أعناق السحرة، أما اليد البيضاء، فإن القوم كانوا يعتبرون الشمس (رع) رب الأرباب ورب العالمين، وكان لشروقها وغروبها فقه طويل عريض، فجاءت معجزة اليد البيضاء، وقال صاحب الميزان: والأخبار التي وردت فيها أن يده عليه السلام كانت تضئ كالشمس الطالعة. والآيات الكريمة لا تقص أزيد من أنها كانت تخرج بيضاء للناظرين، إلا أن كونها آية معجزة، تدل على أنها كانت تبيض ابيضاضا لا يشك الناظرون في أنها حالة خارقة للعادة (97) لقد كانت

(92) سورة الأعراف، الآيات: 104 - 106.
(93) ابن كثير: 236 / 2.
(94) سورة الأعراف، الآيتان: 107 - 108.
(95) كتاب الأنباء: 286.
(96) تاريخ الجوع والخوف / للمؤلف تحت الطبع.
(97) الميزان: 213 / 8.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست