فوقهم قاهرون) (138) قال المفسرون: هذا إغراء من القوم لفرعون وتحريض له أن يقتل موسى وقومه، لأنهم يفسدون أهل رعيته ويدعونهم إلى عبادة ربهم وترك آلهة فرعون وعبادته (139). وكانت الألوهية في عهد الأسرة التاسعة عشرة (1308 - 1194 ق. م) معقودة (لآمون رع) وكان فرعون يمثله على الأرض!
ويحكم باسمه (140). فكان رد فرعون (ابن آمون رع!) أن وعد الملأ من قومه.. أن يعيد إلى بني إسرائيل تعذيبه السابق، وهو قتل أبنائهم واستحياء نسائهم واستبقاؤهن للخدمة، وعقب بقوله: (وإنا فوقهم قاهرون) وهو تطييب قلوبهم وإسكان ما في نفوسهم من الاضطراب (141). وبعد وعده لقومه بقتل أبناء بني إسرائيل. جلس مع مجموعة مجملة، وحددوا أن الذي ينبغي أن يقتل من بني إسرائيل هم أبناء الذين آمنوا لا غير. يقول تعالى: (ولقد أرسلنا موسى بآيتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب * فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين أمنوا معه واستحيوا نساءهم) (142) فبين الوعد بالقتل في قوله: (سنقتل أبناءهم) وبين التنفيذ في قوله: (اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه) إشارة إلى تدخل أطراف في تحديد من الذي يقتل. ولما كان تحديد أبناء الذين آمنوا قد جاء في آية يتصدرها فرعون وهامان وقارون، فإن قارون بصفته أميرا على بني إسرائيل من قبل فرعون، يكون قد ساهم مساهمة فعالة في التحديد وفي التنفيذ، وعن مجموعة العمل هذه يقول المفسرون: أما فرعون فهو الجبار حاكم القبط، وأما هامان فوزيره، وأما قارون فمن طغاة بني إسرائيل ذو الخزائن المليئة، ولقد اختص الله الثلاثة بالذكر، لكونهم أصولا ينتهي إليها كل فساد، وقد جاءهم موسى بالحق، وكان من الواجب أن يقبلوه ولا يردوه لأنه حق. وكان ما جاءهم به من عند الله، وكان من الواجب أن يقبلوه ولا يردوه، فقابلوه بالكيد، وصدوا عن سبيل الله وأمروا بقتل أبناء الذين آمنوا!