دولته ووقفت الرعايا على يمينه ويسراه (121) وقال السحرة: (يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى) (122) قال المفسرون: خيروا موسى بين أن يبدأ بالإلقاء أو يصبر حتى يلقوا، فأخلى لهم الظرف كي يأتوا بما يأتون به، وهو معتمد على ربه واثق بوعده، من غير قلق واضطراب وقد قال ربه فيما قال: (إنني معكما أسمع وأرى) (123) وقال: (ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) (124). وعندما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم (قالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) (125). فإذا بحبالهم وعصيهم يخيل للناس أنها تسعى. فخاف موسى عليه السلام على الناس أن يفتنوا بسحرهم ويغتروا بهم قبل أن يلقي ما في يمينه (126) وقيل: إنه خاف أن يتفرق الناس بعد رؤية سحرهم ولا يصبروا إلى أن يلقي عصاه. وقيل: إنه خاف أن يلتبس الأمر على الناس فلا يميزوا بين آيته وسحرهم للتشابه فيشكوا ولا يؤمنوا ولا يتبعوه، ولم يكن يعلم بعد أن عصاه ستلقف ما يأفكون، وقيل: أحس في نفسه نوعا من الخوف لا يعبأ به.
لأنهم أظهروا للناس من السحر ما يشابه آيته المعجزة أو ما يقرب منه. وإن كان ما أتوا به سحرا لا حقيقة له، وما أتى به آية معجزة ذات حقيقة. وقد استعظم الله سحرهم إذ قال: (فلما ألقوا سحروا أعين الناص واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم) (127).
وعندما ألقوا حبالهم وعصيهم خيل لموسى من سحرهم أنها تسعى، فلقد اختص سبحانه موسى من بين الناس بأنه (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) (128) أما بقية الناس فلقد ذكرهم الله تعالى في موضع آخر فقال: