في زمرة الذين في سجني. على ما تعلم من سوء حالهم وشدة عذابهم.
ونسف عقيدة القوم وردت أيضا في سورة طه. فلقد سأل فرعون عن القرون الأولى. حيث آباؤه الأولين فكان جواب موسى عليه السلام ناسفا لجملة عقائدهم (قال فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى * قال فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى * الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى * كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى * منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) (90).
لقد كان فرعون يعيش في وهم أن دماء الآلهة تجري في عروقه، وبما أنه ابن للإله! فهو يباشر جميع سلطات هذا الإله! بمعنى أنه الصورة الظاهرة للإله الخفي الذي يعبده حزبه! ومن المعروف أن إله الفرعون الحاكم تكون له الهيمنة على جميع آلهة مصر، وعلى هذا فهو عندما يقول: (أنا ربكم الأعلى) يسري حكمه على أتباع مذهبه، وعلى أتباع بقية المذاهب لانعقاد الهيمنة لممثل الإله الذي يحكم، وتحت رداء الحاكم كان يوجد أرباب أخرى متعددة في الأقاليم، فهذا رب للفيضان وهذا رب للحكمة وآخر للخضرة والنماء، وكل هذه الأرباب يقرها فرعون لأن ما يقدم إليها من قرابين ونذور يعود عليه بالنفع قبل غيره. وعندما أخبره موسى وهارون بأنهما رسولا رب العالمين. قال: (فمن ربكما) ظنا منه أنهما يعبدان ربا من أرباب القوم أو ربا من أرباب الممالك المجاورة. فإذا كانا يعبدان ربا من أرباب مصر، فلفرعون الهيمنة على جميع الأرباب فيها. والشعب يعلم بأن طريقته هي الطريقة المثلى ولن يترك لموسى أدنى فرصة لأن يذره وآلهته. وإذا كانا يعبدان ربا من أرباب الممالك المجاورة كان القتل أو السجن أو الطرد من نصيبهما، ولكن إجابة موسى عليه السلام جاءت على غير ما يتوقع فرعون (قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) لقد سأل: من ربكما؟
فكان من الحري أن يجاب بأن ربنا هو رب العالمين، ليشملهما وإياه وغيرهم جميعا، ولكن الإجابة جاءت بما هو أبلغ من ذاك فقيل: (ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) أي بأنه رب كل شئ، لا رب غيره، فإن خلقه الأشياء