لكل رسول عندما أنذرهم عذاب الله: (ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين) وعندما وعدهم صالح عليه السلام بأن العذاب نازل بهم في ثلاثة أيام هموا بقتله ولكن الله حال بينهم وبينه وأمطرتهم الحجارة. ومنعه الله منهم.
عندما أصبح القوم نظروا إلى وجوههم كما وعدهم صالح. فوجدوا اللون الأصفر على وجوههم وهو علامة اليوم الأول. فمشى بعضهم إلى بعض وقالوا:
قد جاءكم ما قال صالح. فقال العتاة منهم: لا نسمع قول صالح ولا نقبل قوله وإن كان عظيما. فلما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمرة. فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم قد جاءكم ما قال لكم صالح. فقال العتاة منهم لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صالح ولا تركنا آلهتنا التي كان آباؤنا يعبدونها! ولم يتوبوا ولم يرجعوا! فلما كان اليوم الثالث أصبحوا وجوههم مسودة، فمشى بعضهم إلى بعض فقالوا: يا قوم أتاكم ما قال لكم صالح. فقال العتاة منهم: قد أتانا ما قال لنا صالح (83).
وهكذا أدار الجبابرة العتاة معركتهم مع التوبة! لقد جرى في عروقهم الدم والموت، ولكن الاستكبار الذي نقب الصخور! أقام الدليل على أنه التلميذ الوفي لآبائه الذين كانوا بدورهم أوفياء للشيطان، وفي اليوم الأخير دقق العتاة في كل شق بكل صخرة وبكل جدار، وعلموا أنهم لن يفعلوا بمشاعلهم شيئا في الظلام.. وعندما أصبحوا من يوم الأحد. تغيرت الأجسام. وتيقن القوم صدق الوعد وأن العذاب واقع بهم. فجلسوا ينتظرون نقمة الله وعذابه، لا يدرون ماذا يفعل بهم ولا كيف يأتيهم العذاب؟ (84) وأوحى الله تعالى إلى صالح عليه السلام بالخروج، وخرج صالح في ليلة الأحد من بين ظهرانيهم مع من خف من المؤمنين فنزل موضع مدينة الرملة من بلاد فلسطين، وآتاهم العذاب يوم الأحد (85) آتاهم جبرائيل عليه السلام فصرخ لهم صرخة خرقت أسماعهم وفلقت قلوبهم وصدعت أكبادهم، وكانوا قد تحنطوا وتكفنوا في الأيام الثلاثة بعد أن علموا أن العذاب نازل بهم لا محالة، فماتوا جميعا في طرفة عين. صغيرهم