الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ١١٨
الله منهم (80) وقال ابن كثير والبغوي: قال هؤلاء التسعة بعد ما عقروا الناقة هلم فلنقتل صالح، فإن كان صادقا عجلناه قبلنا وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته.
فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله. فدفعتهم الملائكة بالحجارة. فلما أبطأوا على أصحابهم. أتوا منزل صالح فوجدوهم (أي أصحابهم) منشدخين قد رضخوا بالحجارة، فقالوا لصالح: أنت قتلتهم ثم هموا به، فقامت عشيرته دونه، ولبسوا السلاح، وقالوا لهم: والله لا تقتلونه أبدا، وقد وعدكم أن العذاب نازل بكم في ثلاث، فإن كان صادقا فلا تزيدوا ربكم عليكم غضبا، وإن كان كاذبا، فأنتم من وراء ما تريدون. فانصرفوا عنهم (81).
(ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * (82) لقد ضربتهم الحجارة يوم الأربعاء.
اليوم الذي عقروا فيه الناقة. ضربتهم قبل قومهم، ليذوق القوم عذاب الذل.
وهو يرى جبابرته وشيوخه وسادته. يسبحون في بحر من الدماء أمام بيت صالح عليه السلام. لقد قتلوا في الخلاء بعيدا عن بطون الجبال وأحشائها. وهم الذين قضوا حياتهم يحفرون في الصخر ليوفروا لأنفسهم نوما آمنا ومعيشة آمنة. لقد شاهدوا شيوخهم في العراء بعد أن أعطوهم بيعة إلى الأبد ليقتلوا بها كل طاهر حتى يعيش الجبابرة وفقهاؤهم وجنودهم في أمان. فها هم الجبابرة محت الحجارة ملامحهم، وها هم الغوغاء والرعاع الذين يرقصون مع كل قرد ينتظرون ألوانا ثلاثة على وجوههم: صفراء، ومحمرة، ومسودة، وبعد ذلك يأخذهم العذاب الأليم. كي يلحق التابع بالمتبوع.
* 9 - يوم الصيحة:
بعث الله تعالى في ثمود رسولا منهم فكذبوه. وأيد سبحانه رسوله فيهم بآية مبصرة هي الناقة فعقروها، والله تعالى عندما يرسل آياته إنما يرسلها تخويفا للناس ليحذروا بمشاهدتها عما هو أشد منها وأفظع. ولكن ثمود لم يخافوا وتقبلوا العادة المتوارثة على ما هي عليه، عادة آبائهم كفار قوم نوح وقوم هود الذين قالوا

(80) مروج الذهب: 48 / 2، البغوي: 293 / 6.
(81) ابن كثير: 368 / 3، البغوي: 293 / 6.
(82) سورة النمل، الآيتان: 50 - 51.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست