البغوي: كانوا دعاة قومهم إلى الضلال والكفر وتكذيب صالح (77). فهؤلاء الجبابرة اجتمعوا بعد عقر الناقة. وبعد أن أخبرهم صالح عليه السلام بالعذاب الذي سيحل بهم. وأصدروا قرارا بقتل صالح عليه السلام. حتى يستطيعوا العيش كما يريدون. ولا ينغص عليهم أحد هذا العيش. فلقد عقروا الناقة وأكلوها، ولم يبق إلا الرسول والدعوة، فإذا قتل صالح، فلن يتبقى غير المستضعفين. وهؤلاء تقومهم السيوف التي قتلت الناقة.
يقول المسعودي: فهم التسعة بقتل صالح وقالوا: إن كان صادقا (فيما أخبرهم بالعذاب) كنا عاجلناه قبل أن يعاجلنا وإن كان كاذبا كنا قد ألحقناه بناقته (78). وقام الجبابرة بتحديد خطوات تنفيذ جريمتهم. وقد أخبر الله تعالى عن خطوطها العريضة فقال: (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون) (79) قال المفسرون: قال الرهط المفسدون وقد تقاسموا بالله. لنقتلن صالحا وأهله بالليل (لنبيتنه وأهله) فالتبيت القصد بالسوء ليلا، وبعد عملية قتله يقولون لوليه إذا حدث وعرفهم. ما شهدنا هلاك أهله. وفي هذا مكر منهم، لأنهم عندما ينفون مشاهدتهم لمهلك أهل صالح عليه السلام فإنهم في نفس الوقت ينفون مشاهدة مهلك صالح نفسه. وأيضا بنفيهم مشاهدة مهلك أهل صالح يضعهم في دائرة الصدق أمام القوم، لأن الحقيقة أنهم شاهدوا مهلك صالح وأهله جميعا لا مهلك أهله فقط.
إن ثمود تحرت الدقة في تنفيذها للجريمة كي يبدوا الجبابرة بملابسهم الفاخرة أمام القوم في دائرة الصدق والشرف والمروءة (ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون) أما مكرهم فهو التواطؤ على تبييته وأهله، والتبييت كما ذكرنا السوء بالليل. وأما مكره تعالى. فهو تقديره سبحانه هلاكهم جميعا. يقول المسعودي: فأتوه ليلا، فحالت الملائكة بينهم وبينه وأمطرتهم الحجارة ومنعه