من يطلب اليوم رضا الرحيم * موعده في جنة النعيم فأقبلت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وقالت:
فسوف أعطيه ولا أبالي * وأوثر الله على عيالي أصبحوا جياعا وهموا مثالي * أصغرهم يقتل في القتال ثم عمدت إلى جميع ما كان في الخوان، فأعطته اليتيم، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح، وأصبحوا صياما، وعمدت فاطمة إلى باقي الصوف فغزلته، وطحنت الصاع الباقي، وعجنته وخبزته خمسة أقراص لكل واحد قرص، وصلى على المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى منزله، فقربت إليه الخوان ثم جلس، فأول لقمة كسرها، إذا أسير من أسارى المسلمين بالباب، فقال:
السلام عليكم أهل بيت محمد، إن الكفار أسرونا وقيدونا وشدونا، فلم يطعمونا، فوضع علي اللقمة من يده، قال:
فاطمة ابنة النبي أحمد * بنت نبي سيد مسود هذا أسير جاء ليس يهدي * مكب في قيده المقيد يشكو لنا الجوع والتشدد * من يطعم اليوم يجده في غد عند العلي الواحد الموحد * ما يزرع الزارع يوما يحصد فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تقول:
لم يبق مما جاء غير صاع * قد دبرت كفي مع الذراع وابناي والله ثلاثا جاعا * يا رب لا تهلكهما ضياعا ثم عمدت إلى ما كان في الخوان فأعطته إياه، فأصبحوا مفطرين، وليس عندهم شئ، وأقبل علي والحسن والحسين نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما يرتعشان كالفرخين من شدة الجوع، فلما أبصرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا أبا الحسن، أشد ما يسوؤني ما أدرككم، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها، وهي في محرابها، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عيناها، فلما