سنتعرض لها بالتفصيل فيما بعد، وهي على أية حال، فضائل يعرفها له أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، على اختلافهم، ويعرفها له خيار المسلمين من التابعين، ويؤمن له بها أهل السنة، كما يؤمن له بها الشيعة، والدارس للتاريخ - عن حيدة ونزاهة - إنما يعرف المشكلات والقضايا الكثيرة التي عرضت للإمام علي، والتي تدل - دونما لبس أو غموض - أن سيدنا ومولانا الإمام علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - إنما كان أهلا " لكل الفضائل التي عرفت عنه، ولأكثر منها، وأنه كان أجدر الناس بأن يسير بالمسلمين إلى الصراط المستقيم - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا ريب في أن الفاروق عمر إنما كان صاحب فراسة صادقة، وحدس يكاد لا يخطئ، أو نادرا " ما يخطئ حين أشار بتولية الإمام علي، فقد كان يراه أشبه الناس به - أو هو أشبه الناس به - في شدته في الحق، و إذعانه للحق، وغلظته على الذين ينكرون الحق أو يضيقون به، ولكن القوم لم يولوا الإمام بعد الفاروق، حين كانت الدنيا مقبلة، والنشاط قويا "، و الإقدام قارحا "، والبصائر نافذة، والأمور تجري بالمسلمين على ما أحبوا، و إنما ولوا خلافتهم عثمان، فكان من أمرهم معه، وأمره معهم ما كان.
ومنها (ثانيا ") أن أصحاب الشورى الخمسة الذين حضروا مجلس الشورى - وهم علي وعثمان والزبير وسعد وعبد الرحمن - كان ثلاثة منهم مع علي - وهم علي والزبير وسعد - وقد ذكرنا من قبل: أن عبد الرحمن طلب أن يعطيه سعد نصيبه، فقال: إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان فعلي أحب إلي، وأن الزبير أعطى نصيبه لعلي، هذا إذا سلمنا أن عبد الرحمن كان في صف صهره عثمان، وطبقا " لوصية عمر في الشورى فصاحب الأغلبية هو الخليفة، وعلي هو صاحب الأغلبية.
ومن ثم فإن هاشم - فضلا " عن شيعة الإمام علي - رأوا فيما فعله عبد الرحمن خدعة لإقصاء الإمام علي وبني هاشم عن الخلافة.