وبعد أن انتهوا جميعا " من كلامهم، قال عبد الرحمن بن عوف: أيكم يطيب نفسا " أن يخرج نفسه من هذا الأمر، ويوليه غيره، فأمسكوا عنه ولم يجبه أحد، فقال: أنا أنخلع منها، فقال عثمان: أنا أول من رضي، فقالوا: رضينا، ولم يقل الإمام علي شيئا "، فظل يفكر فيما عسى أن يصنعه عبد الرحمن، فهو صهر عثمان، وابن عم سعد، أيؤثر أحدهما؟ فقال عبد الرحمن: ما تقول يا أبا الحسن، فقال علي: أعطني موثقا " لتؤثرن الحق، ولا تخص ذا رحم، ولا تألو الأمة نصحا "، قال عبد الرحمن: أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على من بدل وغير، وأن ترضوا من اخترت لكم، وعلى ميثاق الله ألا أخص ذا رحم لرحمه، ولا آلو الأمة نصحا "، وأعطاهم موثقا "، وأعطوه موثقا ".
واختلى عبد الرحمن بالإمام علي ثم بعثمان، وبين لكل منهما حقه، ثم قال لكل منهما: إذا صرف عنك هذا الأمر، من تراه أحق به؟ فأجاب علي:
عثمان، وأجاب عثمان: علي، ثم قال الإمام علي لسعد بن أبي وقاص:
واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام وأسألك برحم بني هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحم عمي حمزة (وهو خال سعد)، ألا تكون مع عبد الرحمن ظهيرا " لعثمان علي.
ومضى عبد الرحمن إلى رؤساء الجند، وأشراف الناس يشاورهم، حتى إذا ما كانت الليلة التي في صبيحتها يستكمل الأجل المضروب - وهو ثلاثة أيام - أتى إلى منزل ابن أخته المسور بن مخرمة في آخر الليل، فأيقظه وقال له:
انطلق فادع الزبير وسعدا "، فلما حضرا حاول أن يقنعهما بالبيعة لعثمان، وطبقا " لرواية الطبري قال لسعد: أنت وأنا كلالة، فاجعل نصيبك لي فأختار، قال: إن اخترت نفسك فنعم، وإن اخترت عثمان، فعلي أحب إلي، وأما الزبير فقال:
نصيبي لعلي، ثم دعا عبد الرحمن عليا " وعثمان، وانصرف علي - كرم الله وجهه في الجنة - وهو لا يشك أنه صاحب الأمر.
فلما صلى الصبح بهم صهيب جمع عبد الرحمن أهل الشورى الخمسة