في الجاهلية، روى المسعودي أن أبا سفيان قال - عقب اختيار عثمان خليفة - يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زالت أرجوها لكم، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة، فانتهره عثمان وساءه ما قال.
ونمي هذا القول إلى المهاجرين والأنصار، وغير ذلك الكلام، فقام عمار ابن ياسر في المسجد، فقال: يا معشر قريش، أما إذ صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم، ههنا مرة، وههنا مرة، فما أنا ينزعه الله منكم، فيضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله.
وقال المقداد: ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يا مقداد بن عمر، فقال المقداد: إني والله لأحبهم، لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم، وإن الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن، أعجب من قريش - وإنما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت - قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعده من أيديهم، أما وأيم الله يا عبد الرحمن، لو أجد على قريش أنصارا " لقاتلهم، كقتالي إياهم مع النبي عليه الصلاة والسلام، يوم بدر (1).
ومنها أن عثمان كان سخي اليد، سمح النفس، قريب الرضا، بعيد الغضب، كما كان فيه حياء حي، يملك عليه أمره، إنه يلقى أحدا " بما يسوؤه أو يحرجه أو يخزيه، هذا إلى أنه - كما وصفه الإمام علي - إنه أوصلنا للرحم، وفي طبقات ابن سعد عن الزهري قال: لما ولي عثمان عاش اثنتي عشرة سنة أميرا "، يعمل ست سنين لا ينقم الناس عليه شيئا "، وإنه لأحب إلى قريش من عمر بن الخطاب، لأن عمر كان شديدا " عليهم، فلما وليهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثم توانى في أمرهم، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الست الأواخر،