والله كل يوم هو في شأن، فقال عبد الرحمن: يا علي، لا تجعل على نفسك سبيلا "، فإن نظرت وشاورت الناس، فإذا هم لا يعدلون بعثمان، فقال علي:
سيبلغ الكتاب أجله.
وروى ابن الأثير بسنده عن أبي بكر عن عياش عن عاصم عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا "؟ فقال: ما ذنبي؟ قد بدأت بعلي فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، قال فقال: فيما استطعت، قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها (رواه ابن حنبل في مسنده 1 / 57).
وقال المقداد: أما والله لقد تركته من الذين يقضون بالحق، وبه يعدلون:
فقال: يا مقداد: والله لقد اجتهدت للمسلمين، قال: إن كنت أردت بذلك الله، فأثابك الله ثواب المحسنين.
وروى اليعقوبي في تاريخه: ومال قوم مع علي بن أبي طالب، وتحاملوا في القول على عثمان، فروى بعضهم قال: دخلت مسجد رسول الله، فرأيت رجلا " جاثيا " على ركبتيه يتلهف تلهف من كأن الدنيا كانت له فسلبها، وهو يقول: واعجبا " لقريش، ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيهم، وفيهم أول المؤمنين، وابن عم رسول الله، أعلم الناس وأفقههم في دين الله، وأعظمهم عناء في الإسلام، وأبصرهم بالطريق، وأهداهم للصراط المستقيم، والله لقد زووها عن الهادي المهتدي، الطاهر النقي، وما أرادوا إصلاحا " للأمة، ولا صوابا " في المذهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعدا " وسحقا " للقوم الظالمين، فدنوت منه فقلت: من أنت يرحمك الله، ومن هذا الرجل؟.
فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل، علي بن أبي طالب، قال:
فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال: يا ابن أخي، إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان، ثم خرجت، فلقيت أبا ذر، فذكرت له ذلك،