العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، وجاء عنهم الشئ الكثير عن الجفر، وإنا - وإن لم نعرف هذا العلم والتصرف - نعرف من هاتيك الأحاديث التي ذكرت عن الجفر، أنه من مصادرهم، وأن هذا العلم شريف، منحهم الله تعالى إياه (1).
هذا وقد اختلف القائلون بوجود الجفر في تفسير معناه، فمن قائل: بأنه نوع من علم الحروف تستخرج به معرفة ما يقع من الحوادث في المستقبل.
على أن هناك وجها " آخر للنظر، يذهب أصحابه إلى أن الجفر: كتاب من جلد، فيه بيان الحلال والحرام، وأصول ما يحتاج إليه الناس من الأحكام التي فيها صلاح دينهم ودنياهم، وعلى هذا، فلا يمت الجفر إلى الغيب بصلة (2).
هذا ويذهب الشريف الجرجاني - من علماء الأحناف - إلى أن الجفر والجامعة كتابان لعلي، رضي الله عنه، وقد ذكر فيهما على طريقة علم الحروف الحوادث إلى انقراض العالم، وكان الأئمة المعروفون من أولاده يعرفونهما، ويحكمون بهما (3).
وفي نفس الوقت، يقول السيد محسن الأمين - وهو من علماء الإمامية - في كتابه نقض الوشيعة: ليس الجفر علما " من العلوم - وإن توهم ذلك كثيرون - ولا هو مبني على جداول الحروف، ولا ورد به خبر، ولا رواية.
ثم يقول: غير أن الناس إنما توسعوا في تفسيره، وقالوا فيه أقاويل لا تستند إلى مستند، شأنهم في أمثال ذلك (4).
ويقول نفس المؤلف في كتاب آخر له - أعيان الشيعة - الظاهر من الأخبار