والاضطراب السياسي والاجتماعي والديني والأخلاقي يتعلق الناس بفكرة مخلص مصلح ينتظرون خروجه وظهوره.
وقد شاع هذا الاعتقاد في انتظار المهدي عند بعض أهل السنة، وإن لم يتقرر كأصل من أصول العقيدة، كما هو الحال لدى الشيعة، بعد أن تحدث فيه بعض علمائهم كالنكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار أصحاب الزمان والسيوطي في كتابه العرف الوردي في أخبار المهدي، وابن حجر العسقلاني في كتاب القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، ويوسف بن يحيى الدمشقي في عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن عقيدة المهدي قد شغلت جزءا " كبيرا " وهاما " من تفكير أهل السنة - جمهورهم وعلمائهم - فضلا " عما أسهم به الصوفية في نشر عقيدة المهدي هذه، ومن المعروف أن للصوفية أثرا " بالغا " في جمهور المسلمين.
ولقد شارك في الاعتقاد بالمهدية فريق من أهل السنة، كان أحرى بحكم عدائه التقليدي للشيعة أن يستنكر عقيدة المهدي، استنكاره لسائر عقائد الشيعة - وأعني به الإمام ابن تيمية زعيم المذهب السلفي - ولكن ابن تيمية إنما يعتقد بصحة الحديث الذي رواه ابن عمر (1).
يقول ابن تيمية: فأما المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رواه أهل العلم العالمون بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، الحافظون لها، الباحثون عنها، وعن رواتها، مثل أبي داود والترمذي وغيرهما، ورواه الإمام أحمد في مسنده.
فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلا " من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، ويملأ الأرض قسطا " وعدلا "، كما ملئت ظلما " وجورا ".