الإمامة وأهل البيت - محمد بيومي مهران - ج ١ - الصفحة ٢٦٩
ورد أن جبريل عليه السلام، كان ينزل بالآية أو الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا محمد، إن الله يأمرك أن تضعها على رأس كذا من سورة كذا.
ومن ثم فقد اتفق العلماء على أن جمع القرآن توقيفي، بمعنى أن ترتيبه بهذه الطريقة التي نراه عليها اليوم في المصاحف، إنما هو بأمر ووحي من الله تعالى (1).
وهكذا تمر الأيام برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على هذا العهد، يأتيه الوحي نجما " بعد نجم، وكتابه يسجلونه آية بعد آية (2)، حتى إذا ما كمل التنزيل، وانتقل الرسول الأعظم، سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، إلى الرفيق الأعلى، كان القرآن كله مسجلا " في صحف، وإن كانت مفرقة، لم يكونوا قد جمعوها بين الدفتين، ولم يلزموا القراء توالي سورها (3) - كما كان محفوظا " في صدور الحفاظ من الصحابة - رضوان الله عليهم - هؤلاء الصفوة من أمة محمد النبي المختار، الذين كانوا يتسابقون في تلاوة القرآن ومدارسته، ويبذلون قصارى جهدهم لاستظهاره وحفظه، ويعلمونه أولادهم وزوجاتهم في البيوت، حتى كان الذي يمر ببيوت الأنصار في غسق الدجى، لا يسمع فيها إلا صوت

(١) أنظر: السيوطي: الإتقان في علوم القرآن ١ / ٤٨، ٦٣، الزركشي: البرهان في علوم القرآن ص ٢٣٤، ٢٣٧، ٢٤١، السجستاني: كتاب المصاحف ص ٣١، مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٦ - ٣٢، ٤٠ - ٤١، ٥٨، تفسير القرطبي ١ / ٦٠، محمد أبو زهرة: القرآن ص ٢٧، ٤٧ - ٤٩، محمد علي الصابوني: المرجع السابق ص ٥٩.
(٢) لعل أشهر كتاب الوحي - وعددهم ٢٩ - الخلفاء الأربعة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) وأبي بن كعب وزيد بن ثابت والزبير بن العوام والمغيرة بن شعبة، وشرحبيل وعبد الله بن رواحة (فتح الباري ٩ / ١٨).
وكانوا يضعون ما يكتبونه في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكتبون لأنفسهم صورا " أخرى يحفظونها لديهم (الإتقان ١ / ٥٨، البرهان ١ / ٢٣٨، من روائع القرآن ص ٤٩ - ٥١).
(٣) السيوطي: الإتقان في علوم القرآن ١ / ٥٩، الزركشي: البرهان في علوم القرآن ص ٢٣٥، مقدمتان في علوم القرآن ص ٣٢، مقدمة كتاب المصاحف لآرثر جفري ص 5.
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست