القرآن يتلى، وحتى كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، يمر على بعض دور الصحابة، فيقف عند بعضها يستمع القرآن في ظلام الليل.
هذا وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن، حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالليل بالقرآن، وإن كنت لم أر منازلهم بالنهار (1).
ومن هنا كان حفاظ القرآن الكريم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحصون، وتلك - وأيم الله - عناية من الرحمن، خاصة بهذا القرآن العظيم، حين يسره للحفظ، * (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) * (2) فكتب له الخلود، وحماه من التحريف والتبديل، وصانه من تطرق الضياع إلى شئ منه، عن طريق حفظه في السطور، وحفظه في الصدور (3).
وكان ذلك كله مصداقا " لقول الله تعالى: * (وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) * (4)، وقول الله تعالى * (نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * (5)، وقول الله تعالى: * (إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه) * (6).
ولعل من الأفضل هنا أن نشير إلى أن القرآن الكريم، إنما كان مكتوبا " كله عند الصحابة، قد لا يكون الأمر كذلك عندهم جميعا "، أو عند واحد منهم