من نظام الحكم، كان العرب يعرفونها بالقيصرية أو الكسروية، وسماها الرسول صلى الله عليه وسلم الملك العضوض - كما رأينا آنفا " في أحاديث نبوية شريفة -.
والعضوض: بناء لغوي يعطي معنى المبالغة في العض، ويوصف به المذكر والمؤنث، وهو مستعار من عض الناب، فكان هذا النوع من الحكم يعض الرعية عضا "، ومن ذلك يقول العرب: زمن عضوض، يعنون أنه كلب مسعور.
والخصيصة البارزة للملك العضوض، أنه مغري بطمس كل حقيقة مأثورة، تخالف هواه، لكي لا ينبعث عنها ما ينبه غافلا "، أو يرشد حائرا "، أو يذكر ناسيا "، أو يشد عزمة واهية، إلى وصل حاضر واهن بماض قوي مجيد.
ومن أعجب شئ في طمس الحقائق أن يستمر ملوك بني أمية على عداوتهم لأمير المؤمنين علي - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - حتى بعد أن لحق بالرفيق الأعلى - راضيا " مرضيا " عنه - فيتجاهلون في هذا الموطن، كرائم الأخلاق العربية، وفضائل الآداب الإسلامية، ليأمروا عمالهم وعفاتهم - غير محتشمين الموت - أن يلعنوا الإمام علي (والعياذ بالله) على المنابر في بيوت الله، بين أسماع المسلمين وأبصارهم.
ولم تزل هذه الخسيسة - خسيسة لعن الإمام علي على المنابر في بيوت الله - تطارد كل يوم جمعة، شرف العروبة، وأدب الإسلام، حتى قضى عليها الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، فأمر، رضي الله عنه، أن تستبدل بهذه البدعة الخسيسة المنكرة، الآية الشريفة من كتاب الله، * (إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) * (1).