ومن أعدل الشهود على خساسة هذا الطور من الخلافة، مراسيل الحسن البصري (21 - 110 ه / 642 - 728 م)، وهو التابعي الورع، رضيع أم سلمة، أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان من شيعة الإمام علي وأهل مودته، وكان يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث المرسل: هو ما سقط من سلسلته الصحابي، كقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا، وقد كانت تلك طريقة الحسن البصري، فيما يرويه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يذكر الصحابي الذي يروي عنه، ويقول: إنهم ليعلمون عمن أروي الحديث.
وقد سأل أحد طلاب الحديث الحسن ذات يوم فقال: يا أبا سعيد، إنك تحدثنا وتقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبذا لو أسندت الحديث إلى من حدثك من أصحاب النبي، فقال الحسن: إنا والله ما كذبنا، وما كذبنا، ولقد غزونا غزوة إلى خراسان، ومعنا فيها ثلاثمائة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
هذا وقد سأل يونس بن عبيد - من أهل العلم - الحسن البصري، فقال: يا أبا سعيد، إنك تقول: قال رسول الله، وإنك لم تدركه، فقال: يا ابن أخي، لقد سألتني في شئ، ما سألني عنه أحد قبلك، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك، إني في زمان كما ترى - يعني زمن الحجاج - كل شئ سمعتني أقوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عن علي بن أبي طالب، غير أني في هذا الزمان لا أستطيع أن أذكر عليا " (1).
هذا وقد وثق أهل العلم بالحسن البصري، فقال ابن المديني: مرسلات الحسن البصري التي رواها عنه الثقات صحاح، ما أقل ما يسقط منه، وقال يحيى بن سعيد القطان: ما قاله الحسن في حديثه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا وجدنا له أصلا "، إلا حديثا " أو حديثين، وقال محمد بن سعيد: كل ما أسند من