من حفصة بنت عمر لم يكن عن محبة، ولكنه لمصلحة سياسية اقتضتها الظروف، ومما يزيدنا يقينا بصحة ما ذهبنا إليه في هذا الاستنتاج أن عمر بن الخطاب يقسم بالله بأن رسوله لا يحب حفصة ويزيدنا عمر يقينا جديدا بأن ابنته حفصة تعلم هي الأخرى هذه الحقيقة المؤلمة، إذ يقول لها: (والله لقد علمت بأن رسول الله لا يحبك).
ثم لا يبقى لنا أدنى شك في أن الزواج منها كان لمصلحة سياسية عندما قال: (لولا أنا لطلقك رسول الله) صلى الله عليه وآله.
فهذه الرواية تعطينا أيضا فكرة عن زواج النبي صلى الله عليه وآله بعائشة بنت أبي بكر، وأنه صبر وتحمل كل أذاها من أجل أبي بكر أيضا، وإلا فإن حفصة أولى بحب الرسول وتقديره، لأنه لم يصدر منها ما يسئ، للنبي صلى الله عليه وآله عشر معشار ما فعلته عائشة بنت أبي بكر.
لم تكن أفضل أزواج النبي صلى الله عليه وآله، وإنما أفضلهن خديجة قد يكون لأم المؤمنين عائشة فضلها ومنزلتها، غير أنها ليست بأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وكيف تكون أفضلهن مع ما صح عنها إذ قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله خديجة ذات يوم فناولتها، فقلت: عجوز كذا وكذا، قد أبدلك الله خيرا منها، قال: ما أبدلني الله خيرا منها، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس، ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها، الحديث... (1).
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يكاد يخرج من البيت