فجاء أبو بكر فوقف على الباب وقال يا أسماء ما حملك أن منعت أزواج النبي صلى الله عليه وآله أن يدخلن على ابنة النبي صلى الله عليه وآله، وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني أن لا تدخلي علي أحدا، وأريتها هذا الذي صنعت وهي حية فأمرتني أن أصنع ذلك لها، فقال أبو بكر فاصنعي ما أمرتك، ثم انصرف، وغسلها علي عليه السلام وأسماء.
إن فاطمة عليها السلام وإن أوصت أسماء أن لا تدخل عليها أحدا بنحو العموم لا عائشة وحدها، ولكن الظاهر أن المقصود بالأصالة من المنع هو عائشة بالخصوص، وإنما أوصت بنحو العموم حيث لا يمكن التبعيض بين أزواج النبي فترخص لبعضهن دون بعض، ولعمري إن من الواضح المعلوم أن ما دعى فاطمة عليها السلام إلى الوصية المذكورة أنها كانت تعلم أن عائشة تبغضها وتسر بموتها، كما عرفنا أنها كانت تبغض عليا عليه السلام وتحسده، وقد سرت بقتله ووفاته، فلو كانت عائشة ممن تحب فاطمة عليها السلام وتواليها لما أوصت فاطمة عليها السلام بالوصية المذكورة ولما منعت أسماء عائشة من الدخول على فاطمة عليها السلام أبدا.
تحذير النبي صلى الله عليه وآله من عائشة وفتنتها لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يدرك عمق وخطورة المؤامرة التي تدار حوله من جميع جوانبها، ولا شك بأنه عرف ما للنساء من تأثير وفتنة على الرجال، كما أدرك بأن كيدهن عظيم تكاد تزول منه الجبال، وعرف بالخصوص بأن زوجته عائشة هي المؤهلة لذلك الدور الخطير لما تملكه في نفسها من غيرة وبغض لخليفته علي خاصة، ولأهل بيته عامة، كيف وقد عاش بنفسه أدوارا من مواقفها وعداوتها لهم، فكان يغضب