حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام، فأدركتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزا، فقد أبدلك الله خيرا منها، فغضب منها حتى اهتز مقدم شعره من الغضب، ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني في مالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء، الحديث...
فأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وآله خديجة الكبرى صديقة هذه الأمة وأولها إيمانا بالله وتصديقا بكتابه، ومواساة لنبيه، وقد أوحي إليه صلى الله عليه وآله أن يبشرها ببيت لها في الجنة من قصب، ونص على تفضيلها، فقال:
أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران (1).
وقال صلى الله عليه وآله: خير نساء العالمين أربع ثم ذكرهن، قال: حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون، إلى كثير من أمثال هذه النصوص وهي من أصح الآثار النبوية وأثبتها.
على أنه لا يمكن القول بأن عائشة أفضل ممن عدا خديجة من أمهات المؤمنين. والسنن المأثورة والأخبار المسطورة تأبى تفضيلها عليهن، كما لا يخفى على أولي الألباب، وربما كانت ترى أنها أفضل من غيرها، فلا يقرها رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك، كما اتفق هذه مع أم المؤمنين صفية بنت حيي، إذ دخل عليها النبي صلى الله عليه وآله وهي تبكي فقال