وبالجملة: فإن كان المراد من النكير مجرد الزيارة للقبور والتبرك بها والصلوات والدعاء عندها، فقد عرفت أنه أمر راجح مسنون، وستعرف الأمر بها في العمومات من الآيات والقرآن العظيم، فانتظر المقام الثالث.
وإن أراد من ذلك عبادتها واتخاذها - معاذ الله - آلهة تعبد من دون الله، فحاشا، ثم حاشا من ذلك.
حيث لم نر ولم نشهد ولم نسمع أن أحدا من المسلمين اعتقد بشئ من ذلك، أو خطر بباله، فكيف بالشيعة الإمامية، وهم أول الموحدين، وأحوطهم في تقديس الله رب العالمين، وأدقهم في تقديسه ومعرفته صلى الله عليه وآله وسلم، إذ ورثوا وأخذوا علومهم ومعارفهم عن مهابط الوحي والتنزيل؟!
فما معنى إنكار التبرك بالقبور وزيارتها وتعاهدها، وبناء القباب عليها والوقوف عندها؟!
وأي وجه للرمي بأنها وسيلة للشرك؟!
وقد علمت أنه ليس ذلك إلا للغايات الدينية، حفظا لآثارهم وقبورهم الكريمة، وصيانة عن الاندراس والانطماس وفوات انتفاع المؤمنين بزيارتهم، والإسراج بها لتلاوة القرآن وذكر الله عندها.
أو ما تقدم أن العبادة ليست مطلق الخضوع، وإلا لكان الوهابيون الخاضعون لشهواتهم العابدون لأهوائهم في معاصيهم كفارا.
وإنما العبادة هي الخضوع الخاص المقرون بالإخلاص عند أمر الله الواجب العظيم لذاته.
(تعظيم ما أمر الله، هو من عبادة الله وطاعته) على أن تعظيم المأمور به لتعظيم أمر الله - عز وجل - إنما هو في الحقيقة