قال الرازي: فجعل الله إتيان البيوت من ظهورها كناية عن العدول عن الطريق الصحيح، وإتيانها من أبوابها كناية عن التمسك بالطريق المستقيم، وهذا طريق مشهور في الكناية، فإن من أرشد غيره على الوجه الصواب، يقول له:
ينبغي أن تأتي الأمر من بابه، وفي ضده يقال: إنه ذهب إلى الشئ من غير بابه.
قال الله: (فنبذوه وراء ظهورهم)، وقال: (واتخذتموه وراءكم ظهريا).
فلما كان هذا طريقا مشهورا معتادا في الكنايات ذكره الله ههنا. انتهى.
فقد ظهر: أن الآية كناية عن التمسك والتوسل بأهل البيت.
(اتخاذ المساجد) ومنها قوله تعالى في سورة الكهف: (وقال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا).
دلت الآية بالتقرير والإمضاء على جواز العبادة عند قبور الأولياء والصالحين، بل وعلى اتخاذها للمسجدية تبريكا للمكان.
ففي (تفسير الجلالين) و (الكشاف) وأبي السعود: (الذين غلبوا على أمرهم) وهم المؤمنون (لنتخذن عليهم مسجدا) يصلي فيه المسلمون، ويتبركون بمكانهم، وفعل ذلك على باب الكهف. انتهى.
ومما أخرجه المناوي في (الكنوز) (1) عن الديلمي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بمسجد الخيف قبر سبعين نبيا) ورواه أيضا في (صفحة 105) عن الطبراني.
وفي (صفحة 41) فيما أخرجه عن الحكيم الترمذي في (النوادر) قوله عليه السلام: أن قبر إسماعيل في الحجر، ورواه أيضا (صفحة 106) عن الديلمي.