عبادة الله وتعظيمه تعالى، من غير فرق بين أن يكون ذلك المأمور به إنسانا أو حجرا أو مدرا أو غيرها، كالأمر بالسجود لآدم فإنه كان تعظيما لأمر الله تعالى وعبادة له، كما أنه كان للملائكة امتحانا، ولآدم تشريفا، فإن الغايات تتعدد بالاعتبارات.
وكذلك أمر الشارع بفرض الطواف على أحجار البيت، وتقبيل الحجر الأسود واستلام الأركان والتزام المستجار.
وإلا لكان الأمر بجميع ذلك أمرا بالشرك.
فمن تبرك بشئ لأمر الله، كان في الحقيقة عبادة الآمر به.
وهذا عبد الله بن أحمد بن حنبل - كما هو المروي عن كتاب (العلل والسؤالات) - قال: سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله، ويتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله.
فقال: لا بأس به.
فالتواضع والتبرك والإكرام والاحترام لما هو معظم عند الله، إنما هو من تعظيم الله.
كما أن تعظيم بيوته ومساجده وقرآنه، بل والجلد والغلاف منه، إنما هو لانتسابها إلى الله.
فمن قبل الحجر الأسود أو عظم البيت أو استلم الأركان أو وجد شيئا من آيات القرآن وكلماته ملقى مهانا، فبادر إليها برفعها وتعظيمها وتقبيلها، فإنما قبل آيات الله وعظم شعائر الله وتبرك بآثار ربه أينما وجدها وحيثما رآها.
فلها منزل على كل أرض * وعلى كل دمنة آثار ونعم ما قال العامري: