فالجواب: إن الله أعطاه الشفاعة، ونهاك عن هذا، يعني به الشرك، وقال (فلا تدعوا مع الله أحدا).
فإن كنت تدعو الله أن يشفعه فيك فأطعه في قوله: (فلا تدعوا مع الله أحدا).
وأيضا فإن الشفاعة أعطاها غير النبي، فصح أن الملائكة يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون أتقول: إن الله أعطاهم الشفاعة فأطلبها منهم؟! فإن قلت هذا، رجعت إلى عبادة الصالحين.
أقول: إعلم أن موضع المغالطة من كلامه، هو أنه زعم أن الشفاعة هي شفع الغير مع الله في المسألة والدعوة لقضاء الحوائج.
ولم يدر المسكين أن الشفاعة - كما مر تعريفها في صدر المقام - هو شفع الغير وضمه مع المستشفع للذهاب إلى الله وتوجههما معا إليه سبحانه، ودعاؤنا الشفيع دعوته لذلك، لا ما توهمه المغالط.
(ليست الشفاعة بشرك) وبعدما ثبتت الشفاعة إجمالا وتفصيلا، كتابا وسنة، إجماعا وعقلا، حيا كان الشفيع أو ميتا، فقد علم بالضرورة من الشريعة:
أنها ليست بشرك.
وأن الاستشفاعات والتوسلات لا تنافي شيئا من التوحيد ولا الإخلاص.
وأن دعاء الصالحين والالتماس منهم إنما هو لكي يدعو الله للعباد بالرحمة والمغفرة، فليس من الدعاء المنهي عنه.
وإنما الدعاء المنهي عنه في قوله تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحدا) هو أن العبد يقرن الصالحين بالله في دعائه، ويسألهما معا في عرض واحد، وذلك بقرينة لفظ (مع)، وكما هو معنى الشرك والتشريك في العبادة، فإن الإشراك هنا وضع