(الرد على ذلك) فقد يردها: أن الشفاعة من المعاني النسبية القائمة بالطرفين، نظير العقود والمعاملات القائمة بالموجب والقابل، فمتى لم يرض المشفع، كما لو لم يشفع الشفيع، تقع الشفاعة لغوا.
فعدم الشفاعة تارة لفقد المقتضي، أعني قابلية الشفيع للشفاعة، أو المشفع له.
أو لوجود مانع هناك، أعني بلوغ المعصية إلى حد تمنع عنها حسبما نراه في المتعارفات الخارجية.
(الأدلة على جواز الشفاعة) مضافا إلى دلالة غير واحد من الآيات عليه، مثل قوله: (إنه عمل غير صالح) الآية، حيث نهى الله نبيه من الشفاعة في ولده، لأنه قد بلغ في المعصية والمخالفة ما لا تصح معها الشفاعة له.
ومثله قوله تعالى: أما في المنافقين ففي موضعين من القرآن:
أحدهما: في سورة البراءة: (إن تستغفر لهم سبعين مرة لن يغفر الله لهم).
والأخرى: في سورة المنافقين قوله تعالى: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم).
وأما في المشركين فقوله تعالى في سورة البراءة: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم)، فتأمل في قوله (من بعد ما تبين) ولا تغفل.
وقال بعض المفسرين في قوله تعالى في سورة المدثر: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين): إن معناه لا شافع ولا شفاعة، فالنفي راجع إلى الموصوف والصفة معا، والآية من باب (لا يسألون الناس إلحافا) من حيث إنها سالبة بانتفاء الموضوع.