(الاجماع على الشفاعة) ولو لم يقم الإجماع على ثبوتها بهذا المعنى، وكانت الشفاعة بحيث يصح إطلاقها على مجرد طلب الزيادة، لكنا شافعين للرسول بقولنا: (اللهم صل على محمد وآل محمد).
ضرورة أنا لم نطلب له صلى الله عليه وآله وسلم إلا الزيادة في فضله.
وحيث بطل هذا القسم تعين الثاني.
لا يقال: إن ذلك إنما كان لوضوح علو رتبة الشفيع على المشفوع له وانحطاطهم عنه، وإن غرض السائل من الصلوات هو التقرب بذلك إلى المسؤول، وإن لم يستحق المسؤول له بذلك السؤال منفعة زائدة.
فإنا نقول: إن الرتبة غير معتبرة في الشفاعة، ويدل عليه لفظ الشفيع المشتق من الشفع.
على أنا، وإن قطعنا أن الله يكرم رسوله ويعظمه، سواء سألت الأمة ذلك أو لم تسئله، ولكنا لم نقطع بأنه لا يجوز أن يزيد في إكرامه بسبب سؤال الأمة، على وجه لولا سؤالهم لما حصلت الزيادة، ومع جواز هذا الاحتمال وجب أن يبقى جواز كوننا شافعين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قال العلامة القوشجي: اتفق المسلمون في ثبوت الشفاعة، لقوله تعالى:
(عسى ربك أن يبعثك مقاما محمودا)، وفسر بالشفاعة.
قال: ثم اختلفوا: فذهب المعتزلة إلى أنها زيادة المنافع للمؤمنين المستحقين للثواب.
وأبطله المصنف: بأن الشفاعة لو كانت كذلك لكنا شافعين للنبي، لأنا نطلب زيادة المنافع له.
والتالي باطل، لأن الشفيع أعلى رتبة من المشفوع له. إنتهى.