رفع المخلوق عن درجة العبودة إلى درجة الإلهية وقد أوضحنا ذلك مكررا فلا نطيل بإعادته. والذين حرقهم علي بن أبي طالب قالوا له أنت الله أما من توسل بنبي أو صالح إلى الله ودعاه واستغاث به ليدعوا الله له ويكون له شفيعا فلم يكفر ولم يشرك ولم ينكر ضروريا حتى يباح دمه إلا عند الجاهل الذي لا يفهم معنى الأحاديث وأما استشهاده بأخبار الخوارج وإن الرسول (ص) أمر بقتلهم لما ظهر منهم من مخالفة الشريعة ففيه أن الذي ظهر منهم هو تكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم وإخافة السبيل وإشهار الحرب على المسلمين لشبهة دخلت عليهم أعظم أسبابها الجمود، وأشبه الناس بهم في هذا الزمان كما مر من يكفر المسلمين ويستحل دماءهم وأموالهم ويغزو بلاد الإسلام ويشهر الحرب على المسلمين ويخيف السبل بشبهة أنهم يستغيثون ويستشفعون بذوي المكانة عند الله وتوهم أن ذلك شرك بالله، والحال أنه ليس فيه من ذلك شائبة كما بيناه وأوضحناه فأي الفريقين أحق بأن يشبه بالخوارج لو كانوا يعقلون.
(وأما قوله) فيما حكي عنه في تاريخ نجد أن بعض العلماء كفر من أنكر فرعا مجمعا عليه فهو اعتراف منه على نفسه وعلى أتباعه بالكفر فإنهم قد أنكروا فروعا فضلا عن الفرع الواحد مجمعا عليها بين المسلمين كالاستشفاع بالنبي " ص " وتعظيم قبره والتبرك به وغير ذلك مما خالفوا فيه عامة المسلمين بعد اتفاقهم وإجماعهم عليه أجيالا عديدة فتوى وعملا (قوله): فتشبيه عباد القبور الخ قد علمت مما بيناه وشرحناه أنه ليس في ذلك تشبيه بل هو الحق الذي لا شبهة فيه وأن تشبيه الوهابيين بأن الاستشفاع والتوسل بالنبي " ص " الذي جعله الله شافعا وجعل له الوسيلة كفر وشرك مجرد تعمية على العوام وتلبيس لتنفق ضلالتهم التي كفروا بها المسلمين ويأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون.
ومما ذكره ابن عبد الوهاب في رسالة كشف الشبهات (1) أنه ما بعث الله نبيا بهذا التوحيد إلا جعل الله له أعداء كما قال (وجعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم) فإذا عرفت أن الطريق إلى الله لا بد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلم وحجج فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يصير