المشركين أنهم قالوا وما يهلكنا فيفنينا إلا مر الليالي والأيام وطول العمر إنكارا منهم أن يكون لهم رب يفنيهم ويهلكهم. وفي مجمع البيان أي ما يميتنا إلا الأيام والليالي أي مرور الزمان وطول العمر إنكارا منهم للصانع. وفي تفسير الرازي أن الله حكى عنهم شبهتهم في إنكار القيامة وفي إنكار الإله القادر أما شبهتهم في إنكار القيامة فهي قولهم ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وأما شبهتهم في إنكار الإله الفاعل المختار فقولهم وما يهلكنا إلا الدهر يعني تولد الأشخاص إنما كان بسبب حركة الأفلاك الموجبة لامتزاجات الطبائع وإذا وقعت تلك الامتزاجات على وجه خاص حصلت الحياة وإذا وقعت على وجه آخر حصل الموت فالموجب للحياة والموت تأثير الطبائع وحركة الأفلاك ولا حاجة في هذا الباب إلى إثبات الفاعل المختار فهذه الطائفة جمعوا بين إنكار الإله وبين إنكار البعث والقيامة وفي تفسير النيشابوري، إنهم لم يقنعوا بإنكار المعاد حتى ضموا إليه إنكارا المبدأ قائلين وما يهلكنا إلا الدهر " انتهى ". ثم إن قوله تعالى اعبدوا الله ولا تعبدوا إلا الله ليس صريحا في طلب توحيد العبادة فقط لجواز أن يعبر باللازم عن الملزوم فيكون قد طلب إفراد الله بالعبادة وملزومه الذي هو إفراده بالربوبية. ثم إن تقسيمه العبادة إلى اعتقادية ولفظية وبدنية الذي اختصرناه. وقوله: إن العبادة أقصى غاية الخضوع وإن مستحقها الله تعالى لإيلائه أعظم النعم كما نقله عن الكشاف لا يظهر لذكره في هذا المقام فائدة بل هو تطويل بلا طائل كما هي عادتهم في التطويل بتكرر المعنى الواحد وإعادته مرارا كثيرة كما وقع في كلامه من تكرير القول بأن الأنبياء بعثوا للدعاء إلى توحيد العبادة لا توحيد الربوبية مرارا كثيرة وقد اختصرناه ووجه كون ذلك تطويلا بلا طائل أنه لا ينكر أحد إن الحقيق بغاية الخضوع والتذلل هو الله تعالى ولكن الذي ينفع هو إثبات أن كل خضوع وتذلل لغير الله هو عبادة له موجبة للشرك والكفر وأني لهم بذلك بل هو بكلامه هذا رد على نفسه فإنه جعل العبادة الخاصة بالله تعالى هي غاية الخضوع والتذلل فدل على أن مطلق الخضوع والتذلل ليس كذلك وتقسيم العبادة لا مساس له بما هو بصدده وكذا قوله إن رأس العبادة وأساسها التوحيد وإن المراد معنى كلمة الشهادة لا مجرد قولها تطويل بلا طائل إذ لا ينكر أحد ذلك ومن التطويل بلا طائل قوله وقد علم الكفار هذا المعنى الخ كما لا يخفى. أما رجز التلبية الذي استشهد به فهو عليه لا له فإنهم بعدما جعلوا الأصنام شركاء لله يعبدونها بأنواع العبادة التي نهى الله
(١٨٠)