وتشفعهم بهم من المحكم فقد عرفت وستعرف بما لا مزيد عليه أنه من الوهي والوهن بمكان وأنه لا أحكام فيه بل هو رقم على الماء وإن جوابه لا شئ فيه من السداد.
قال: (وأما المفصل) فإن أعداء الله لهم اعتراضات كثيرة يصدون بها الناس. منها قولهم نحن لا نشرك بالله بل نشهد أنه لا يخلق ولا يرزق لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا " ص " لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عن عبد القادر أو غيره ولكن أنا مذنب والصالحون لهم جاه عند الله وأطلب من الله بهم فجاوبه بما تقدم وهو إن الذين قاتلهم " ص " مقرون بما ذكرت وبأن أوثانهم لا تدبر شيئا وإنما أرادوا الجاه والشفاعة واقرأ عليه ما ذكر الله في كتابه فإن قال إنها نزلت فيمن يعبد الأصنام فكيف تجعلون الصالحين أصناما فجاوبه بما تقدم فإذا أقر أن الكفار يشهدون بالربوبية كلها لله وأنهم ما أرادوا ممن قصدوا إلا الشفاعة وأراد أن يفرق بين فعلهم وفعله بما ذكره فاذكر له أن الكفار منهم من يدعو الصالحين والأصنام ومنهم من يدعو الأولياء الذين قال الله فيهم (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) ويدعون عيسى وأمه واذكر قوله تعالى (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) فإن قال: الكفار يريدون منهم وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر لا أريد إلا منه والصالحون ليس لهم من الأمر شئ ولكن أرجو شفاعتهم فالجواب أن هذا قول الكفار بعينه (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. هؤلاء شفعاؤنا عند الله) " قال ": وهذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم.
(ونقول) يظهر فساد ما أطال به بلا طائل مما قدمناه من أن الذين قاتلهم رسول الله " ص " لم يقاتلهم على مجرد التشفع بالصالحين إليه بل على عدم قبولهم أحكام الإسلام وتكذيبهم له مع ظهور المعجزات على يديه وارتكابهم الموبقات والعظائم وغير ذلك مما مر في صدر الكلام حتى من يعبد صور الصالحين من الأحجار المنحوتة أما قوله تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجعون رحمته ويخافون عذابه) فنزلت على ما ذكره المفسرون في قوم من العرب كانوا يعبدون الجن أو كانوا يعبدون الملائكة وقيل كانوا يعبدون عيسى وعزيرا واعترضه الطبري في تفسيره بما حاصله: إن