قوله تعالى حكاية عن قوم هود في خطابهم لهود " ع " (أن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) اعتقادهم بأنها قادرة مختارة بنفسها على الضر والنفع والاعتراء بسوء فظهر أن عبادة المشركين للأصنام لم تكن مجرد الاستغاثة والتوسل والتشفع إلى الله بذوي المكانة عنده كما توهم الوهابيون. وسيأتي كلام في مثل ذلك في رد كلام الصنعاني ويأتي له مزيد توضيح في الباب الثالث إن شاء الله.
(قوله) فبعثه الله يجدد لهم دين أبيهم إبراهيم الخ قد ظهر بطلانه مما مر فإن دين أبيهم إبراهيم الذي بعث محمد " ص " لتجديده ليس هو عبارة عن عدم التشفع بالصالحين ولا داخلا فيه. أما إنه ليس عبارة عن عدم التشفع بالصالحين فلان دين أبيهم إبراهيم الذي جدده لهم رسول الله " ص " وترك ما كانوا يفعلونه من المحرمات والموبقات التي مر بعضها كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي والنسئ والطواف بالبيت عراة ونكاح أزواج آبائهم والخمر والميسر وإكراه فتياتهم على البغاء ووأد بناتهم وسجودهم للأصنام وذكر أسمائها على ذبائحهم وتركهم الصلاة واستبدالها بالمكاء والتصدية وغير ذلك فهذا وأمثاله مما بدلوه من دين أبيهم إبراهيم هو الذي بعث رسول الله " ص " ليجدده لهم وأما إن عدم التشفع والتوسل بالصالحين ليس داخلا فيما جدده لهم فلأن ذلك وما يجري مجراه لم ينههم الرسول " ص " عنه فضلا عن أن يكون بعثه محصورا في ذلك بل أقرهم على التشفع والتوسل الذي هو نوع من طلب الدعاء منه بما حث عليه من سؤال الدعاء من المؤمنين وبما أخبرهم به من أن الله تعالى جعل له الشفاعة والوسيلة وأكرمه بذلك كما ستعرفه مفصلا في الفصول الخاصة بذلك ولا ينكره الوهابيون.
قوله: ويخبرهم إن هذا التقرب والاعتقاد محض حق الله، هذا افتراء على الله وعلى إبراهيم عليه السلام فمتى أمر الله تعالى محمدا (ص) أن يخبرهم أنه لا يجوز طلب الشفاعة ممن له الشفاعة وإن طلبها محض حق الله لا يجوز طلبها من غيره ومتى أخبرهم محمد (ص) بأن لا يطلبوا منه الشفاعة بل الأمر بالعكس فقد أخبرهم بأنه الشفيع المشفع وصاحب الوسيلة ولازم ذلك أن يطلب منه ما جعله الله له ولم يقل لهم حين أخبرهم بذلك أن طلب الشفاعة منه شرك وكفر مع أنه أمرهم بطلب الدعاء من الغير، وطلب الشفاعة لا يخرج عن ذلك كما ستعرف وتشبث الوهابية للمنع بآية " لله الشفاعة جميعا. فلا تدعوا مع الله أحدا) ستعرف أنه من السخافة بمكان. فالذي أوجب شركهم وكفرهم وأحل