الآية دالة على وجودهم في عهد النبي " ص " وعزير وعيسى ليسا كذلك " انتهى " (وفي الكشاف): " أولئك " مبتدأ و (الذين يدعون) صفته و (يبتغون) خبره و (أيهم) موصولة بدل من واو يبتغون يعني أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى الله الذين هم أقرب منهم وأزلف فكيف بغير الأقرب " انتهى " فالآية دالة على أنهم اتخذوهم آلهة من دون الله وعبدوهم وليس فيها ما يدل على أنه لم يصدر منهم في حقهم إلا طلب شفاعتهم عند الله والتوسل بهم إليه وإن اشتملت على لفظ الدعاء وإن المدعوين يبتغون إلى ربهم الوسيلة، لكن قوله لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا دال على أنهم كانوا يعتقدون فيهم القدرة على كشف الضر وتحويله عنهم بأنفسهم ولذلك عبدوهم واتخذوهم آلهة دون الله بدليل قوله تعالى: الذين زعمتم من دونه. ومع ذلك فقد كذبوا الرسل وعاندوهم. وأما من يعبد عيسى وأمه فحالهم أوضح وأظهر. والعجب كيف جعل عبادة عيسى وأمه وجعله إلها خالقا رازقا مدبرا للكون متحدا مع الله تعالى كمن يتشفع بصالح إلى الله! ما هذا إلا الجهل أو العناد. وكذلك جعله رجاء الشفاعة من الصالحين هو قول المشركين: ما نعبدهم إلا ليقربونا هؤلاء شفعاؤنا، واضح الفساد بما عرفت من صراحة الآيتين في وقوع عبادة منهم غير الشفاعة جعلت علة لها مرة وعطفت عليها أخرى والعلة غير المعلول ومقتضى العطف التغاير كما سيأتي في فصل الشفاعة.
وقال الصنعاني في تطهير الاعتقاد (1) ما حاصله بعد حذف تكريرات كثيرة وتقديم وتأخير: التوحيد قسمان توحيد الربوبية والخالقية والرازقية ونحوها أي إن الله وحده هو الرب الخالق الرازق للعالم وهذا لا ينكره المشركون وتوحيد العبادة أي إفراد الله وحده بجميع أنواع العبادات وعدم عبادة غيره معه وهذا الذي جعلوا لله فيه الشركاء ولفظ الشريك يشعر بالإقرار بالله تعالى. والرسل والأنبياء من أولهم وهو نوح إلى آخرهم وهو محمد بعثوا لتقرير توحيد الربوبية كقولهم (أفي الله شك. هل من خالق غير الله.
أغير الله اتخذ وليا. أروني ماذا خلق الذين من دونه. أروني ماذا خلقوا من الأرض).
استفهام تقرير لهم لأنهم به مقرون ولم ترد الآيات في الغالب إلا بصيغة استفهام التقرير.
والدعاء إلى التوحيد العبادة وإخلاصها والنهي عن شركها. قال الله تعالى (ولقد بعثنا في