* المقدمة الثالثة * في شبه الوهابيين بالخوارج وذلك من عدة وجوه:
" أولا " كما أن الخوارج شعارهم " لا حكم إلا لله " وهي كلمة حق يراد بها باطل كما قال أمير المؤمنين علي " ع ". كلمة حق لمطابقتها قوله تعالى " إن الحكم إلا لله "، يراد بها باطل، وهو أنه لا إمارة لأحد ولا يجوز التحكيم في الأمور الدينية، وفرعوا عليه إن التحكيم الذي كان بصفين كان معصية وكفرا، مع أن التحكيم قد جاء في الشرع بقوله تعالى: " فإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها " وقال تعالى في جزاء الصيد: " يحكم به ذوو عدل منكم ".
كذلك الوهابيون شعارهم: لا دعاء إلا لله، لا شفاعة إلا لله، لا توسل إلا بالله، لا استغاثة إلا بالله، ونحو ذلك. كلمات حق يراد بها باطل: كلمات حق لأن المدعو والمتوسل به حقيقة لدفع الضر وجلب النفع والمغيث الحقيقي ومالك أمر الشفاعة هو الله.
يراد بها باطل وهو منع تعظيم من عظمه الله بدعائه والتوسل به ليشفع عند الله تعالى ويدعوه لنا وعدم جواز التشفع والاستغاثة والتوسل بمن جعله الله شافعا مغيثا وجعل له الوسيلة كما يبين في محله. وهي كجملة من كلماتهم المزخرفة كقولهم: لمن يقول يا محمد ويا فلان ويا فلان: هل الله أعطاك القوة أو محمد " ص "؟ فلا بد أن يقول الله فيقولون له لم لا تدعو الله وتدعو محمدا. وهذا تمويه وتضليل يراد به باطل، إذ لا يوجد أحد يعتقد أن محمدا " ص " أو غيره بيده الأمر أصالة وإنما هو التوسل وطلب الشفاعة ممن له الوسيلة والشفاعة، واعتراضهم هذا يرجع إلى الاعتراض على الله الذي جعل الشفاعة لمحمد " ص " وإلا فمتى جعلها له فعلينا أن نطلبها منه. ولو صح اعتراضهم هذا لتوجه على من يسأل الدعاء من الغير فيقال له: الله الذي يجيب دعاءك أو أخوك المؤمن؟ فلا بد أن يقول الله، فيقال له: لم لا تدعو الله وتطلب من أخيك أن يدعو لك؟ وكقولهم لمن يقبل ضريح النبي " ص " أو المنبر الموضوع في مسجده وفي مكان منبره: إنما تقبل حديدا أو خشبا جئ به من بلاد الإفرنج، ولم يعلموا أنه كما يحترم جلد الشاة بعمله جلدا للمصحف، والورق والمداد بكتابة المصحف عليه وبه، كذلك يحترم الحديد والخشب الذي وضع