فتراه قد أنصف بعض الإنصاف في لوم الوهابيين على تكفير من خالفهم ومنع الناس عن الحج والخروج على السلطان وتسمية الغارة على المسلمين جهادا في سبيل الله ولكنه حاد عن الإنصاف في جعله الحلف بغير الله والبناء على قبور الصالحين مما نهى عنه الشارع لما ستعرف من أن النهي منه غير واقع وجعله النذر للصالحين لما ستعرف أيضا من أنه لا ينذر أحد لهم بل لله ويهدي الثواب إليهم، وربما يكون كثير من غير النجديين ممن ينسب إلى العلم ويميل إلى الوهابيين لا يصل في المغالاة إلى حد التكفير واستحلال المال والدم، والله العالم بأسرار عباده.
* الفصل الثاني * (في حروب الشريف غالب أمير مكة المكرمة مع الوهابيين) (واستيلائهم على الحجاز في زمانه وما فعلوه في الحجاز) (والعراق وانقطاع الحج والزيارة في أيامهم) في خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام لأحمد بن زيني دحلان مفتي الشافعية أن الشريف غالبا غزا الوهابية ما ينوف عن خمسين غزوة من سنة 1205 إلى سنة 1220 فأرسل عليهم في سنة 1205 ستمائة مقاتل مع أخيه عبد العزيز مع قبائل كثيرة حتى وصل إلى عريق الدسم وملك عدة من قرى نجد وحاصر عنيزة قرية بسام ثم رجع (وفي سنة 1206) جهز جيشا بأمرة المذكور لقتال القبائل التي دخلت في دين عبد العزيز بن محمد بن سعود (1) فوصل به إلى تربة ثم إلى رينة ثم إلى بيشة فأطاعته كلها ثم عاد إلى مكة (وفي سنة 1208) غزا الوهابيين بجيش من العربان بأمرة عثمان المضايفي فصبح ابن قيحان بموضع يقال له عقيلان وحصلت ملحمة عظيمة انتصر فيها عثمان وأخذ جميع إبل ابن قيحان ثم هزمه ابن قيحان ولم ينتزع منه الإبل (وفي سنة 1209) جهز جيشا بإمرة أخيه عبد المعين لغزو هادي بن قرملة وكان ممن توهب فنذر به وهرب فقصد ابن قفطان من اتباع ابن سعود فحصره في قصره وقبض عليه وأرسله إلى الشريف غالب فسأله العفو فعفا عنه وأطلقه فلما وصل إلى بلده غدر وأظهر العصيان فدس إليه من قتله