كلها صائبة، وكلها حق وصواب، وهذا من فضل الله ورحمته وعظيم منته على الخلق وجزيل نعمته، فإذا تمهدت هذه القاعدة فاعلم أن كل مسألة ليس فيها دلالة قاطعة فالأمة فيها فريقان:
فالفريق الأول قائلون بأن الواقعية ليس فيها حق معين، وأن الآراء كلها حق وصواب، فهؤلاء هم: (المصوبة)، أئمة الزيدية، والجماهير من المعتزلة، والمحققون من الأشعرية، وعليه جمهور الفقهاء أبو حنفية والشافعي ومالك وأتباعهم.
ثم أهل التصويب، ولهم مذهبان، أحدهما: أن في المسألة أشبه، وهذا هو المحكي عن أصحاب أبي حنيفة: محمد بن الحسن، وأبي الحسن الكرخي، ومحكي عن قاضي القضاة، والشافعي، والمروزي وغيرهم من الفقهاء ومعنى الأشبه: أن الله لو نص لما نص إلا عليه.
وثانيهما: إبطال الأشبه وهذا هو المحكي عن أكابر الشيوخ من المعتزلة الشيخين أبي علي وأبي هاشم وأبي الهذيل وقاضي القضاة، وهو قول بعض أئمة الزيدية، ورأي أبي حامد الغزالي، وهو رأي أكثر المصوبة.
الفريق الثاني: إن في الواقعة حكما لله تعالى معينا وما عداه من الأقوال فهو باطل [وهؤلاء هم: المخطئة]، ثم اختلفوا بعد ذلك فمنهم من قال: إنه لا دلالة عليه قطعا ولا ظنا، وإنما هو كدفين يعثر عليه.