الآراء في تجويز الخلاف في مسائل الفروع وعلاقته بالتفرق في الدين، ونحو ذلك، ويمكننا أن نتصور تلك الآراء في اتجاهين:
أحدهما: يعتبر الخلاف في العمليات باب رحمة وتوسعة على الأمة، لا علاقة له بالتفرق والتنازع، لأن الاختلاف أمر واقع ولا يؤدي بالضرورة إلى التفرق، بل إن تبادل الحمل على السلامة وطلب المعذرة للمخالف يضيق الشقة ويساعد على التوحيد.
الثاني: يعتبر أن الخلاف في المسائل الدينية الأصولية أو الفروعية ينعكس على وحدة الأمة وألفتها، بحيث يؤدي إلى التفرقة والتنازع، وبذلك يمنع من تعدد الآراء فيها، ويعتبر الحق مع واحد.
وقد أراد الإمام القاسم بن محمد من خلال كتابه هذا أن يقرر هذه الرؤية، أو يمنع - على الأقل - من القول بالتصويب وشرعية الاختلاف، وإن كان يعتقد نجاة المختلفين من الإثم إذا كان اجتهادهم عن نظر وتدبر، وهذا ما سنتمكن إن شاء الله من معرفة أبعاده من خلال هذا الكتاب.
ولكي تكون الرؤية أكثر وضوحا فلا بد أن نترك أنصار الاتجاه الأول يعبرون عن رأيهم بحرية ووضوح، فلذا سوف أورد مبحثا قيما من كتاب (الإنتصار) للإمام المجتهد النظار يحيى بن حمزة عن ذلك وبالله التوفيق.