قال الإمام يحيى بن حمزة - عليه السلام - في مقدمة كتاب (الإنتصار) ما لفظه:
المقدمة الثالثة في تصويب الآراء في المسائل الخلافية والأنظار الاجتهادية واعلم أن هذه المقدمة لا بد للفقيه الخالي من علم الأصول، من إحرازها والإحاطة بها، لأوجه ثلاثة:
أما أولا: فلأن نعلم فضل هذا الرسول صلى الله عليه وعلى آله على غيره من الأنبياء، بما خصه الله تعالى بما لم يخص به غيره من الرسل، وفضل هذه الشريعة على غيرها من سائر الشرائع المتقدمة، باتساع طرقها وامتداد أطرافها، وفضل هذه الأمة على غيرها من الأمم السابقة بأن جعلهم حاكمين في كل حادثة بأنظارهم الثاقبة، وفاصلين في كل قضية بمواد فكرهم الصائبة.
أما ثانيا: فلأن لا يستوحش الناظر لما يرى من كثرة الخلاف في كل مسألة من المسائل الاجتهادية، فإذا تحقق أنها كلها صائبة هان عليه الأمر ولم يعظم عليه الخطب، فيبقى في حيرة من أمره فإذا عرف أنها كلها على الحق زال عنه الخوف، وزاح عنه الطيش والفشل.
وأما ثالثا: فلأن لا يستعجل إلى تخطئة من يخالفه في المسالك، فيحكم له بخطأ أو بهلاك من غير بصيرة، ومع إدراك هذه الخصلة - أعني معرفة التصويب - لا يستعجل بهلاك من يخالفه، وكيف يقع الهلاك والآراء