وإلى بطلان الأشبه ذهب المحققون من الأشعرية كالباقلاني، وأبي حامد الغزالي، وشيخه عبد الملك الجويني، فأما الشيخ أبو الحسين من المعتزلة فليس له تصريح بإثبات ولا نفي، وكلامه فيه احتمال.
البرهان على ما اخترناه يظهر بتقرير حجتين:
الحجة الأولى: هو أنا نقول: إن الشبه والأشبه سيان في تعليق الحكم بهما، فيجب ألا يكون للأشبه مزية على الشبه، وفي هذا ما نريده من بطلان القول بالأشبه. وبيان ذلك أنا نفرض الكلام في مسألة تعليل الربا في الفضل، فالكيل على رأي أصحابنا وأبي حنيفة شبه، وهو طرد عند القائلين بصحة الطرد، والطعم شبه على رأي الشافعي، وهو طرد عند من يقبل الطرد، فمن قبل الوصف الذي لا يناسب الحكم فهو شبه، ومن رده فهو طرد، فمن قبل الطرد قال بأنه طرد ومن رد الطرد قال بأنه شبه، ومن رد الشبه قال إنه أشبه، فالطرد والشبه والأشبه في مسألة كلها تعليلات وأوصاف غير مناسبة، لكنها تختلف الألقاب عليها، بالإضافة إلى ردها وقبولها من غير أن يكون هناك بينها تفرقة من جهة الذات لعدم المناسبة فيها، وأن التعويل فيها إنما هو على أمر غير مخيل من جهة المشابهة الخاصة فإذا كان لا تفرقة بينها من جهة الذات دل ذلك على أن الطرد والشبه والأشبه في حكم واحد، وأن الشبه في حق القائلين هو الأشبه [قول] آخرين وأنهما جميعا طردان عند القائلين بالطرد، فإذا لا وجه لما قاله هؤلاء في تقرير الأشبه بحال.