الاختلاف في الدين أسبابه ونتائجه عوامل المفارقات التي يعيشها الإنسان كثيرة، منها ما هو تكويني تسبب عن وجود الإنسان ذاته، مثل: النسب، والانتماء القبلي، والموطن، والتركيب الخلقي، كالذكورة والأنوثة، ومنها ما هو مكتسب كوجهة التفكير، ونوع العمل، والانتماء السياسي، والنزعات النفسية، وغير ذلك، وتلك المفارقات وما يتعلق بها عوامل رئيسية في نشوء الخلافات بين الشعوب والأمم والأجيال وعلى حسب الحساسية وجسامة الحدث يكون حجم الخلاف.
وقد جاء دين التوحيد ليلف تلك المفارقات في إطار واحد، ويصهر المجتمعات والجماعات المختلفة في منظومة واحدة جعل غايتها العقيدة، ومنهجها العبادة ومرجعها الشريعة، وبذلك أخضعت سائر المفارقات لهذا الإطار الجديد.
ولم يكن ذلك التوحيد على حساب حريات الأفراد أو وسيلة لحصارهم، فالحرية - لا سيما حرية التفكير - مطلب ضروري لتفجير الطاقات وتنشيط الابداع والعطاء الفعال، وقد تميز دين التوحيد بأنه حفظ المعادلة بين الحرية والانضباط، ولم يسحق أحد الطرفين لحساب الآخر، لأن الحرية - سواء في التفكير أو في العمل - إذا كانت تمارس في نطاق مضبوط لا يسمح بالتعدي والطغيان، فلن تؤدي إلى التفكك والتفرق، وذلك هو ما نادى به الدين ودعا إليه (واعتصموا بحبل الله