النظر والاستدلال يؤديان إلى العلم بالله وما تعبد به العباد، ونسب هذا إلى شيطان الطاق وأبي مالك الخضرمي. لكن اختلف هؤلاء، فمنهم من قال إنه يجوز أن يمنعها الله بعض العباد ثم يكلفهم بالاقرار مع منعه إياهم من المعرفة، وقال آخرون إنه مع المنع لا يجوز أن يكلفهم بالاقرار به.
(4) والحسن بن موسى النوبختي يقول إن المعرفة بالله يجوز أن تكون كسبيا ويجوز أن تكون اضطراريا، وأنها على أي كانت لا يجوز الأمر بها على وجه من الوجوه " (1).
والذين قالوا بأن النظر والقياس يؤديان إلى العلم، قال بعضهم أن العقل بذاته حجة إذا جاءت الرسل، أما قبل مجيئهم فليس للعقول دلالة، ما لم يكن سنة بينة، واحتجوا بقوله تعالى * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * وقال بعضهم الآخر أنها بذاتها ليست بحجة سواء أكان قبل مجئ رسول أو إمام (2).
وجائز أن تكون نظرة النوبختي في عدم جواز الأمر بالمعرفة حتى لو كانت كسبية، إلى أنها من الأحكام العقلية الصرفة التي لا يصح فيها الأمر التعبدي الذي يترتب عليه الثواب والعقاب، وأنه إذا ورد فيها أمر شرعي، فلا بد من حملة على الأوامر الإرشادية التي هي في نفسها لا تستتبع ثوابا ولا عقابا، كما هو الحال في الأمر بإطاعة الله ورسوله ونحوها.
وينبغي أن لا نغفل عما توجبه أكثر هذه المقالات الصريحة في