لأنه قال: * (أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم) * فذكر الأولاد وذكر النساء والرجال، فعلم أنه أراد الأقربين إلينا من الذكور والإناث من الأولاد والعصبة، ولهذا دعا الحسن والحسين من الأبناء، ودعا فاطمة من النساء، ودعا عليا من رجاله، ولم يكن عنده أحد أقرب إليه نسبا من هؤلاء، وهم الذين أدار عليهم الكساء.
والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه، وإلا فلو باهل بالأبعدين في النسب وإن كانوا أفضل عند الله لم يحصل المقصود، فإن المراد أنهم يدعون الأقربين كما يدعو هو الأقرب إليه.
والنفوس تحنو على أقاربها ما لا تحنوا على غيرهم، وكانوا يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلمون أنهم إن باهلوه نزلت البهلة عليهم وعلى أقاربهم، واجتمع خوفهم على أنفسهم وعلى أقاربهم، فكان ذلك أبلغ في امتناعهم وإلا فالإنسان قد يختار أن يهلك ويحيا ابنه، والشيخ الكبير قد يختار الموت إذا بقي أقاربه في نعمة ومال، وهذا موجود كثير، فطلب منهم المباهلة بالأبناء والنساء والرجال والأقربين من الجانبين، فلهذا دعا هؤلاء.
وآية المباهلة نزلت سنة عشر، لما قدم وفد نجران، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد بقي من أعمامه إلا العباس، والعباس لم يكن من السابقين الأولين، ولا كان له به اختصاص كعلي.
وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي، وكان جعفر قد قتل قبل ذلك، فإن المباهلة كانت لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر، وجعفر قتل بمؤتة سنة ثمان، فتعين علي رضي الله عنه.
ولكونه تعين للمباهلة إذ ليس في الأقارب من يقوم مقامه، لا يوجب أن يكون مساويا للنبي صلى الله عليه وسلم في شئ من الأشياء، بل ولا أن يكون