وكذلك قد قيل في قوله: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * أي: لا يقتل بعضكم بعضا، وإن كانوا غير متساويين.
وقال تعالى: * (ولا تلمزوا أنفسكم) * أي، لا يلمز بعضكم بعضا فيطعن عليه ويعيبه، وهذا نهي لجميع المؤمنين أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن، مع أنهم غير متساوين لا في الأحكام ولا في الفضيلة، ولا الظالم كالمظلوم، ولا الإمام كالمأموم.
ومن هذا الباب قوله تعالى: * (ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم) * أي:
يقتل بعضكم بعضا.
وإذا كان اللفظ في قوله: * (وأنفسنا وأنفسكم) * كاللفظ في قوله: * (ولا تلمزوا أنفسكم) *.. * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * ونحو ذلك، مع أن التساوي هنا ليس بواجب، بل ممتنع، فكذلك هناك وأشد.
بل هذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة، والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض الأمور، كالاشتراك في الإيمان، فالمؤمنون إخوة في الإيمان، وهو المراد بقوله: * (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) * وقوله: * (ولا تلمزوا أنفسكم) *.
وقد يكون بالاشتراك في الدين، وإن كان فيهم المنافق، كاشتراك المسلمين في الإسلام الظاهر، وإن كان مع ذلك الاشتراك في النسب فهو أوكد، وقوم موسى كانوا * (أنفسنا) * بهذا الاعتبار.
قوله تعالى: * (تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) * أي: رجالنا ورجالكم، أي: الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب، والرجال الذين هم من جنسكم، والمراد التجانس في القرابة فقط،