فإنه قال:
" إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد وأن يكون معصوما عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وإنه محال. فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما عن الخطأ، فثبت قطعا أن (أولي الأمر) المذكور في هذه الآية لا بد وأن يكون معصوما " (1).
فهذا محل الشاهد من كلامه، وأما من " أولي الأمر " الذين أمرنا بإطاعتهم؟ فذاك بحث آخر..
وعلى الجملة، فوجوب الإطاعة والاتباع على الإطلاق - المستفاد من وجوب المحبة المطلقة - مستلزم للعصمة.
وقد ذكر هذا الوجه غير واحد من علمائنا:
قال البياضي العاملي رحمه الله: " جعل الله أجر رسالة نبيه في مودة أهله في قوله تعالى: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) *.
قالوا: المراد القربى في الطاعات، أي: في طاعة أهل القربى.
قلنا: الأصل عدم الإضمار، ولو سلم، فلا يتصور إطلاق الأمر بمودتهم إلا مع عصمتهم.
قالوا: المخاطب بذلك الكفار، يعني: راقبوا نسبي منكم، يعني القرشية.
قلنا: الكفار لا تعتقد للنبي أجرا حتى تخاطب بذلك.