وكيف الجمع بينه وبين أهل السنة؟
وأيضا: فإنه ينافي تفضيل الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم خصوصا حضرات الشيخين، والحال أن هذا التفضيل مما أجمع عليه أهل السنة الذين يعتد بهم، على أنه قدس سره قد قرر مسألة التفضيل هذه بكل جهده بالدلائل العقلية والنقلية والكشفية والوجدانية، فما يرفع هذا التخالف والتعارض؟
الجواب من مولانا شاه عبد العزيز المحدث الدهلوي: - إن للعصمة والحكمة والوجاهة معان اصطلاحية لدى الصوفية، وقد ذكر ذلك في كتب هذا الشأن لا سيما مصنفات حضرة الوالد الماجد قدس سره..
والحكمة معناها العلم النافع، فإن كان مكتسبا لم يسم حكمة في اصطلاحهم بل يسمونه " فضيلة " وإن كان نازلا على قلب شخص عن طريق الوهب سمي عندهم " حكمة " نحو قوله تعالى: (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) (وكلا آتيناه حكما وعلما) سواء ذاك العلم في باب العقائد أو الأعمال أو الأخلاق، وهذا المعنى أيضا يختص بالأنبياء كقوله تعالى: (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر الله) الآية، فما كان حاصلا بالوحي فهو خاص بالأنبياء، وفي الحديث: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وفي الحديث المشهور: أنا مدينة العلم وعلي بابها، والمراد من العلم هنا هو المعني المذكور كذلك.. ".
كما أن (الدهلوي) أثبت حديث مدينة العلم في رسالته التي كتبها في اعتقادات والده شاه ولي الله الدهلوي، وقد تقدم كلامه في الوجه (128) فلا نعيد.
فهذا (الدهلوي) الماهر، قد ألجأه الحق القاهر، فأثبت بنفسه هذا الحديث السافر الزاهر، واعترف بشهرته في جواب مسألة له بالاعتراف الجلي الظاهر، وأثبته أيضا في رسالته المعمولة لتبرئة والده الزائغ المجاهر عن شين عناد الأطيبين الأطاهر، فيا عجبا من صنع (الدهلوي) الشاهر للخلاف الفاضح الجاهر، كيف آثر طعن الحديث في (تحفته) المردودة بالحجج القواهر، ورام من غمط الحق ما هو