ابن مخرمة القرشي من أهل المدينة، كنيته أبو بكر، وكان جده من سبي عين التمر، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق. يروي عن الزهري ونافع. روى عنه الثوري وشعبة والناس. مات سنة إحدى أو اثنين وخمسين ومائة ببغداد.
وقد قيل: ستة وخمسين ومائة.. وقد تكلم في ابن إسحاق رجلان: هشام بن عروة ومالك بن أنس.
فأما هشام بن عروة فحدثني زياد الزيادي. ثنا ابن أبي شيبة. ثنا علي ابن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: قلت لهشام بن عروة: إن ابن إسحاق يحدث عن فاطمة بنت المنذر. قال: وهل كان يصل إليها؟.
قال أبو حاتم: هذا الذي قاله هشام ليس مما يجرح به الانسان في الحديث وذلك أن التابعين مثل الأسود وعلقمة من أهل العراق، وأبي سلمة وعطاء ودونهما من أهل الحجاز قد سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها (بعد أن) سمعوا صوتها، وقبل الناس أخبارهم من غير أن يصل أحدهم إليها حتى ينظر إليها عيانا، فكذلك ابن إسحاق كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مسبل أو بينهما حائل من حيث يسمع كلامها، فهذا سماع صحيح، والقادح فيه بهذا غير منصف.
وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة ثم عادله إلى ما يجب، وذلك أنه لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس وأيامهم من محمد بن إسحاق، وكان يزعم أن مالكا من موالي بني (ذي) أصبح، وكان مالك يزعم أنه من أنفسهم، فوقع بينهما لهذا مفاوضة، فلما صنف مالك الموطأ قال ابن إسحاق:
إيتوني به فإني بيطاره! فنقل ذلك إلى مالك فقال: (لا يسكت) هذا دجال من الدجاجلة! يروي عن اليهود وكان بينهم ما يكون بين الناس. حتى عزم محمد بن إسحاق على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ فأعطاه مالك عند الوداع خمسين دينارا ثمن تمرته تلك السنة. ولم يكن يقدح مالك فيه من أجل الحديث، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم عن