وقد ورد في الحديث الصحيح أيضا: " خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء " مشيرا إلى عائشة، وقوله: " اهتدوا بهدي عمار " و " تمسكوا بعهد ابن أم عبد " و " رضيت لكم ما رضي به ابن أم عبد " و " أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل " وأمثال ذلك كثيرة، خصوصا قوله: " اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر " حيث بلغ درجة الشهرة والتواتر بالمعنى، فاللازم أن يكون هؤلاء كلهم أئمة.
وإذا دل هذا الحديث على إمامة العترة، فكيف يصح الحديث الصحيح المروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام بصورة متواترة عند الشيعة، يقول فيه: " إنما الشورى للمهاجرين والأنصار " وكذلك حديث: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجى، ومن تخلف عنها غرق " فإنه لا يدل إلا على الفلاح والهداية الحاصلين من حبهم والناشئين من اتباعهم، وأن التخلف عن حبهم موجب للهلاك.
وهذا المعنى - بفضل الله تعالى - يختص به أهل السنة من بين الفرق الاسلامية كلها، لأنهم متمسكون بحبل وداد أهل البيت جميعهم حسب ما يريد القرآن: " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " وموقفهم من ذلك كموقفهم من الأنبياء " لا نفرق بين أحد من رسله " فلا يؤمنون ببعضهم ويعادون غيرهم.
بخلاف الشيعة إذ لا يوجد من بينهم فرقة تحب أهل البيت جميعا، فبعضهم يوادون طائفة ويكرهون الباقين، والبعض الآخر على العكس، وأما أهل السنة فليسوا كذلك، بل يروون أحاديث جميعهم ويستندون إليها، كما تشهد بذلك كتبهم في التفسير والحديث والفقه، وإذا كان الشيعة لا يعتبرون كتب أهل السنة فبماذا يجيبون عن الأحاديث الواردة عن الشيعة - سواء في العقائد الإلهية والفروع الفقهية - الموافقة لأهل السنة كما سيأتي في هذا الكتاب؟
ولبعض علماء الشيعة في هذا المقام تأويل خداع، لا بد من ذكره