فلما توفي علي بن موسى الرضا سنة 203 ه (1). افترقت الشيعة بعد وفاته فصارت فرقا منهم من قال أن الإمامة انتقلت إلى أحمد بن موسى بن جعفر أوصى إليه وإلى الرضا وأجازوها في أخوين، وأن أبوه جعله الوصي بعد علي بن موسى ومالوا إلى رأي شبيه برأي الفطحية (2).
وظهرت فرقة ثانية يسميهم سعد القمي المؤلفة من الشيعة ويقول: قد كانوا نصروا الحق قطعوا على إمامة علي بن موسى بعد وقوفهم على موسى وإنكار موته فصدقوا موته وقالوا بإمامة الرضا فلما توفي رجعوا إلى القول على موسى بن جعفر (3).
وفرقة ثالثة يسميهم النوبختي المحدثة ويقول: وكانوا من أهل الأرجاء وأصحاب الحديث فدخلوا في القول بإمامة موسى بن جعفر وبعده بعلي بن موسى وصاروا شيعة رغبة في الدنيا وتصنعا ، فلما توفي علي بن موسى رجعوا إلى ما كانوا عليه (4).
ويعلل سعد القمي سبب اختلاف الفرقتين اللتين قالت إحداهما بإمامة أحمد بن موسى والاخرى بالوقف على الرضا، لأن الرضا توفي وابنه محمد (الجواد) ابن سبع سنين فستصغروه وقالوا:
لا يجوز أن يكون الإمام إلا بالغا ولو جاز أن يكلف غير بالغ فكذلك لا يعقل أن يفهم القضاء بين دقيقة وجليلة وغامض الأحكام وشرائع الدين وجميع ما أتى به النبي وما يحتاج إليه جميع الأمة إلى يوم القيامة من أمر دينها ودنياها طفل غير بالغ... (5) ولما تولى علي بن موسى الرضا العهد للمأمون يقول النوبختي وفرقة كانت من الزيدية الأقوياء منهم والبصراء فدخلوا في إمامة علي بن موسى عندما أظهر المأمون فضله وعقد بيعته تصنعا للدنيا واستكانوا الناس بذلك دهرا فلما توفي علي بن موسى رجعوا إلى قومهم الزيدية (6).